Tuesday, July 7, 2009

السيدة زينب (ع)1


السيدة زينب (ع)

بنت الإمام أمير المؤمنين (ع)

اسمها ونسبها :

زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، أمّها سيّدة نساء العالمين فاطمة (ع) بنت النبي (ص) .

ولادتها :

ولدت بالمدينة المنوّرة في الخامس من جمادى الأوّل عام 5 هـ .

ولمّا ولدت (ع) جاءت بها أمّها الزهراء (ع) إلى أبيها أمير المؤمنين (ع) ، وقالت : ( سمّ هذه المولودة ) .

فقال : ( ما كنت لأسبق رسول الله (ص) ) ، وكان في سفر له ، ولمّا جاء وسأله علي (ع) عن اسمها .

فقال : ( ما كنت لأسبق ربّي تعالى ) ، فهبط جبرائيل (ع) يقرأ السلام من الله الجليل ، وقال له : ( سمّ هذه المولودة : زينب ، فقد اختار الله لها هذا الاسم ) .

ثمّ أخبره بما يجري عليها من المصائب ، فبكى (ص) ، وقال : ( من بكى على مصائب هذه البنت ، كان كمن بكى على أخويها : الحسن والحسين ) .

سيرتها وفضائلها :

كانت (ع) عالمة غير معَلّمة ، وفهِمة غير مفهمة ، عاقلة لبيبة ، جزلة ، وكانت في فصاحتها وزهدها وعبادتها كأبيها أمير المؤمنين وأمّها الزهراء (ع) .

اتّصفت (ع) بمحاسن كثيرة ، وأوصاف جليلة ، وخصال حميدة ، وشيم سعيدة ، ومفاخر بارزة ، وفضائل طاهرة .

حدّثت عن أمّها الزهراء (ع) ، وكذلك عن أسماء بنت عميس ، كما روى عنها محمّد بن عمرو ، وعطاء بن السائب ، وفاطمة بنت الإمام الحسين (ع) ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وعَبَّاد العامري .

عُرفت زينب ( عليها السلام ) بكثرة التهجّد ، شأنها في ذلك شأن جدّها الرسول (ص) ، وأهل البيت (ع) .

وروي عن الإمام زين العابدين (ع) قوله : ( ما رأيت عمّتي تصلّي الليل عن جلوس إلاّ ليلة الحادي عشر ) ، أي أنّها ما تركت تهجّدها وعبادتها المستحبّة حتّى تلك الليلة الحزينة ، بحيث أنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) عندما ودّع عياله وداعه الأخير يوم عاشوراء قال لها : ( يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل ) .

وذكر بعض أهل السِيَر : أنّ زينب (ع) كان لها مجلس خاص لتفسير القرآن الكريم تحضره النساء ، وأنّ دعاءها كان مستجاباً .

أم المصائب :

سُمّيت أم المصائب ، وحق لها أن تسمّى بذلك ، فقد شاهدت مصيبة وفاة جدّها النبي (ص) ، وشهادة أمّها الزهراء (ع) ، وشهادة أبيها أمير المؤمنين (ع) ، وشهادة أخيها الحسن (ع) ، وأخيراً المصيبة العظمى ، وهي شهادة أخيها الحسين ( عليه السلام ) ، في واقعة الطف مع باقي الشهداء ( ره ) .

أخبارها في كربلاء :

كان لها ( عليها السلام ) في واقعة كربلاء المكان البارز في جميع المواطن ، فهي التي كانت تشفي العليل وتراقب أحوال أخيها الحسين (ع) ساعةً فساعة ، وتخاطبه وتسأله عند كل حادث ، وهي التي كانت تدبّر أمر العيال والأطفال ، وتقوم في ذلك مقام الرجال .

والذي يلفت النظر أنّها في ذلك الوقت كانت متزوّجة بعبد الله بن جعفر ، فاختارت صحبة أخيها على البقاء عند زوجها ، وزوجها راضٍ بذلك ، وقد أمر ولديه بلزوم خالهما والجهاد بين يديه ، فمن كان لها أخ مثل الحسين (ع) ، وهي بهذا الكمال الفائق ، فلا يستغرب منها تقديم أخيها على بعلها .

وروي أنّه لمّا كان اليوم الحادي عشر من المحرّم ، بعد مقتل الإمام الحسين (ع) حمل عمر بن سعد النساء ، فمرّوا بهنّ على مصرع الحسين (ع) فندبت زينب (ع) أخاها وهي تقول : ( بأبي مَن فسطاطه مقطع العُرى ، بأبي مَن لا غائب فيُرتجى ، ولا جريح فيُداوى ، بأبي مَن نفسي له الفدا ، بأبي المهموم حتّى قضى ، بأبي العطشان حتّى مضى ، بأبي مَن شيبته تقطر بالدما ، بأبي مَن جدّه رسول إله السما ، بأبي مَن هو سبط نبي الهدى ) .

أخبارها في الكوفة :

لمّا جيء بسبايا أهل البيت (ع) إلى الكوفة بعد واقعة الطف ، أخذ أهل الكوفة ينوحون ويبكون ، فقال بشر بن خزيم الأسدي : ونظرتُ إلى زينب بنت علي (ع) يومئذ ، فلم أرَ خَفِرة ( عفيفة ) أنطق منها ، كأنّها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (ع) ، وقد أومأتْ إلى الناس أن اسكتوا فارتدتْ الأنفاس ، وسكنتْ الأجراس ، ثمّ قالت :

( الحمد الله والصلاة على محمّد وآله الطاهرين ، يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر ، أتبكون ؟ فلا رقأت الدمعة ، ولا قطعت الرنة ، إنّما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوّة ، أنكاثاً تتّخذون أيمانكم دخلاً بينكم ، ألا وهل فيكم إلاّ الصلف النطف ... ) إلى آخر الخطبة الشريفة ، وهي معروفة .

أخبارها في الشام :

أرسل عبيد الله بن زياد والي الكوفة السيّدة زينب (ع) مع سبايا آل البيت (ع) ـ بناءً على طلب يزيد ـ ومعهم رأس الحسين (ع) وباقي الرؤوس إلى الشام ، فعندما دخلوا على يزيد دعا برأس الحسين ( عليه السلام ) فوضع بين يديه ، فلمّا رأت زينب (ع) الرأس الشريف بين يديه صاحت بصوت حزين يقرح القلوب : ( يا حسيناه ، يا حبيب رسول الله ، يا ابن فاطمة الزهراء ) ، فأبكت جميع الحاضرين في المجلس ويزيد ساكت .

وروي أنّ يزيد عندما أخذ ينكث ثنايا الإمام الحسين (ع) بقضيب خيزران ، قامت (ع) له في ذلك المجلس ، وخطبت قائلة : ( الحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله على رسوله وآله أجمعين : أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض ، وآفاق السماء ، فأصبحنا نُساق كما تُساق الإماء ، إن بنا هواناً على الله ، وبك عليه كرامة ، وإنّ ذلك لعظم خطرك عنده ، فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسروراً ، أمِنَ العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإمائك ، وسوقك بنات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سبايا ، قد هَتكتَ ستورهنّ ، وأبدَيتَ وجُوههُن ، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد ) .

وفاتها :

توفّيت أم المصائب زينب (ع) في الخامس عشر من شهر رجب عام 62 هـ ، واختُلِفَ في محل دفنها ، فمنهم من قال : في مصر ، ومنهم من قال : في الشام ، ومنهم من قال : في المدينة .

Monday, July 6, 2009

الإمام علي (ع)1

الإمام علي (ع)

لا يختلف اثنان على الصفات الرفيعة التي فاق بها الإمام علي (ع) جميع معاصريه, والتي ميزته عن غيره حتى قيل أنه نسخة عن الرسول الأكرم (ص), من هنا فقد اختاره الله سبحانه وتعالى خليفة للمسلمين وقائدا لهم بعد رسول الله (ص).

واختصارا نستعرض بعضا منها تبركاً بميلاده السعيد (عليه السلام):

أولاً: التضحية والجهاد:

فقد كان منذ صغره يدافع عن الرسول (ص) ويحفظه من أذى الأطفال وحجارتهم, فقد كان الكفار يدفعون بأولادهم لأذية نبي الله (ص), فعندما كانوا يرمونه بالحجارة يهجم علي ابن العشرة سنوات عليهم, فيفرون أمامه مذعورين.

وهكذا تبلغ التضحية عند الإمام علي (ع) القمة عندما يبيت في فراش الرسول (ص) ـ ليلة هجرة النبي من مكة الى المدينة ـ معرضاً نفسه لخطر محقق, يقول عليه السلام ((كنت على فراش رسول الله وقد طرح عليّ برده ـ كساء من صوف ـ فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها, فلم يبصروا رسول الله حيث خرج, فأقبلوا عليّ يضربونني بما لديهم, فتنفط جسدي ـ أي تقرح ـ وصار مثل البيض, ثم انطلقوا يريدون قتلي)).

وقد اشترك الإمام علي (ع) في كل حروب الرسول (ص) وهي تزيد على الثمانين حرباً.

وفي بدر الكبرى قتل المسلمون 35 من الكفار بينما قتل الإمام (ع) وحده 35 كافراً, أي أنه (ع) قتل وحده نصف قتلى الكفار.

وفي حرب أُحد أصيب (ع) بثمانين جراحة خطيرة, وفي الخندق التي وقعت عام 5 هجرية كان الإمام علي (ع) هو الوحيد الذي واجه أهم أبطال جيش الكفار وهو(عمرو بن عبد ود العامري) واستطاع الإمام قتله وهو لم يبلغ الثلاثين من عمره, وكانت ضربة قسمت ظهر الكفار, وفيها قال رسول الله (ص) ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين.

وغيرها من الحروب التي كان للأمير المؤمنين (عليه السلام) دوراً بارزاً في غلبة المسلمين على الكفار.

هكذا كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قمة في البطولة والتضحية والجهاد لذلك نزلت مجموعة كبيرة من الآيات القرآنية تتحدث حول جهاده (ع) نذكر منها:

قال تعالى: {{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}} الصف. آية4, نزلت في أمير المؤمنين وحمزة وعبيدة ومجموعة من المجاهدين.

وقال تعالى: {{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}} البقرة. آية 207, نزلت هذه الآية عند مبيت الإمام (ع) في فراش رسول الله (ص).

وقال تعالى: {{مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ}} المائدة.آية 54.

وغيرها من الآيات التي نزلت في جهاد الإمام علي (عليه السلام).

ثانياً: عبادته (عليه السلام):

فقد كان (عليه السلام) كثير الصلاة خاشعاً لله حتى أنه يغمى عليه, ففي ليلة الهرير حيث كانت الحرب بين جيش الإمام علي (عليه السلام) وجيش معاوية (لعنه الله) على أشدها, في هذه الأثناء حان موعد صلاة الصبح, فتقدم الإمام (ع), وبسط له نطع (وهو بساط من جلد) ووقف يصلي وهو غير آبه بالسهام التي تتطاير حوله, الى أن أكمل صلاته[3].

وفي احدى الليالي كان الإمام (ع) متحدثا الى أحد ضيوفه الى وقت متأخر من الليل, وقد ذهبا للنوم, يقول الرجل بعد ساعة رأيت الإمام (عليه السلام) يتجه نحو مكان الوضوء وهو يتكئ على الجدار, فقمت وقلت: الى أين يا أمير المؤمنين؟ فقال (ع): الى الصلاة, فقلت له: انك لم تسترح الا قليلاً فلماذا لا تنام أكثر؟ فقال (ع): إن نمت الليل ضيعت نفسي, وإن نمت النهار ضيعت رعيتي, قال الإمام ذلك واتجه الى محراب العبادة.

ثالثا: زهده (عليه السلام):

فقد كان (ع) يعيش حياة عادية جدا كحياة الفقراء بل أكثر تواضعاً, فكان أكله لا يتعدى خبز الشعير الجاف, وكان في بعض الأوقات يكسر الخبز بركبته لخشونته, وبعض الملح أو اللبن فقط.

يقول سويد بن غفله: دخلت على علي بن أبي طالب القصر فوجدته جالسا وبين يديه صفيحة فيها لبن خاثر, أجد ريحه من شدة حموضته, وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه وهو يكسره بيده أحياناً, فإذا غلبه, كسره بركبته وطرحه فيه.

يقول سويد فقلت لجاريته: ويحك يا فضة أما تتقين الله في هذا الشيخ! ألا تنخلون له طعاماً مما أرى فيه من النخالة؟ فقالت: لقد تقدم الينا أن لا ننخل له طعاما.

أما ملابسه فقد كانت أكثر من عادية, يقول (ع): (لقد رقعت مدرعتي حتى استحييت من راقعها).

يقول سويد بن غفله: دخلت على علي (ع) يوماً وليس في داره سوى حصير رث وهو جالس عليه, فقلت: يا أمير المؤمنين أنت ملك المسلمين, والحاكم عليهم وعلى بيت المال, وتأتيك الوفود وليس في بيتك سوى هذا الحصير؟ قال (ع): يا سويد, إن اللبيب لا يتأثث في دار النقلة, وأمامنا دار المقامة(الآخرة) وقد نُقِلَتْ اليها متاعُنا ونحن منقلبون اليها عن قريب, قال سويد: فأبكاني والله كلامه.

هكذا كان إمام المسلمين وقائدهم, وهكذا كانت حياته ومأكله وملبسه, وما هي إلا ذكرى للمتعظين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


الإمام علي (ع)

الإمام علي (ع)

لا يختلف اثنان على الصفات الرفيعة التي فاق بها الإمام علي (ع) جميع معاصريه, والتي ميزته عن غيره حتى قيل أنه نسخة عن الرسول الأكرم (ص), من هنا فقد اختاره الله سبحانه وتعالى خليفة للمسلمين وقائدا لهم بعد رسول الله (ص).

واختصارا نستعرض بعضا منها تبركاً بميلاده السعيد (عليه السلام):

أولاً: التضحية والجهاد:

فقد كان منذ صغره يدافع عن الرسول (ص) ويحفظه من أذى الأطفال وحجارتهم, فقد كان الكفار يدفعون بأولادهم لأذية نبي الله (ص), فعندما كانوا يرمونه بالحجارة يهجم علي ابن العشرة سنوات عليهم, فيفرون أمامه مذعورين.

وهكذا تبلغ التضحية عند الإمام علي (ع) القمة عندما يبيت في فراش الرسول (ص) ـ ليلة هجرة النبي من مكة الى المدينة ـ معرضاً نفسه لخطر محقق, يقول عليه السلام ((كنت على فراش رسول الله وقد طرح عليّ برده ـ كساء من صوف ـ فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها, فلم يبصروا رسول الله حيث خرج, فأقبلوا عليّ يضربونني بما لديهم, فتنفط جسدي ـ أي تقرح ـ وصار مثل البيض, ثم انطلقوا يريدون قتلي)).

وقد اشترك الإمام علي (ع) في كل حروب الرسول (ص) وهي تزيد على الثمانين حرباً.

وفي بدر الكبرى قتل المسلمون 35 من الكفار بينما قتل الإمام (ع) وحده 35 كافراً, أي أنه (ع) قتل وحده نصف قتلى الكفار.

وفي حرب أُحد أصيب (ع) بثمانين جراحة خطيرة, وفي الخندق التي وقعت عام 5 هجرية كان الإمام علي (ع) هو الوحيد الذي واجه أهم أبطال جيش الكفار وهو(عمرو بن عبد ود العامري) واستطاع الإمام قتله وهو لم يبلغ الثلاثين من عمره, وكانت ضربة قسمت ظهر الكفار, وفيها قال رسول الله (ص) ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين.

وغيرها من الحروب التي كان للأمير المؤمنين (عليه السلام) دوراً بارزاً في غلبة المسلمين على الكفار.

هكذا كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قمة في البطولة والتضحية والجهاد لذلك نزلت مجموعة كبيرة من الآيات القرآنية تتحدث حول جهاده (ع) نذكر منها:

قال تعالى: {{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}} الصف. آية4, نزلت في أمير المؤمنين وحمزة وعبيدة ومجموعة من المجاهدين.

وقال تعالى: {{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}} البقرة. آية 207, نزلت هذه الآية عند مبيت الإمام (ع) في فراش رسول الله (ص).

وقال تعالى: {{مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ}} المائدة.آية 54.

وغيرها من الآيات التي نزلت في جهاد الإمام علي (عليه السلام).

ثانياً: عبادته (عليه السلام):

فقد كان (عليه السلام) كثير الصلاة خاشعاً لله حتى أنه يغمى عليه, ففي ليلة الهرير حيث كانت الحرب بين جيش الإمام علي (عليه السلام) وجيش معاوية (لعنه الله) على أشدها, في هذه الأثناء حان موعد صلاة الصبح, فتقدم الإمام (ع), وبسط له نطع (وهو بساط من جلد) ووقف يصلي وهو غير آبه بالسهام التي تتطاير حوله, الى أن أكمل صلاته[3].

وفي احدى الليالي كان الإمام (ع) متحدثا الى أحد ضيوفه الى وقت متأخر من الليل, وقد ذهبا للنوم, يقول الرجل بعد ساعة رأيت الإمام (عليه السلام) يتجه نحو مكان الوضوء وهو يتكئ على الجدار, فقمت وقلت: الى أين يا أمير المؤمنين؟ فقال (ع): الى الصلاة, فقلت له: انك لم تسترح الا قليلاً فلماذا لا تنام أكثر؟ فقال (ع): إن نمت الليل ضيعت نفسي, وإن نمت النهار ضيعت رعيتي, قال الإمام ذلك واتجه الى محراب العبادة.

ثالثا: زهده (عليه السلام):

فقد كان (ع) يعيش حياة عادية جدا كحياة الفقراء بل أكثر تواضعاً, فكان أكله لا يتعدى خبز الشعير الجاف, وكان في بعض الأوقات يكسر الخبز بركبته لخشونته, وبعض الملح أو اللبن فقط.

يقول سويد بن غفله: دخلت على علي بن أبي طالب القصر فوجدته جالسا وبين يديه صفيحة فيها لبن خاثر, أجد ريحه من شدة حموضته, وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه وهو يكسره بيده أحياناً, فإذا غلبه, كسره بركبته وطرحه فيه.

يقول سويد فقلت لجاريته: ويحك يا فضة أما تتقين الله في هذا الشيخ! ألا تنخلون له طعاماً مما أرى فيه من النخالة؟ فقالت: لقد تقدم الينا أن لا ننخل له طعاما.

أما ملابسه فقد كانت أكثر من عادية, يقول (ع): (لقد رقعت مدرعتي حتى استحييت من راقعها).

يقول سويد بن غفله: دخلت على علي (ع) يوماً وليس في داره سوى حصير رث وهو جالس عليه, فقلت: يا أمير المؤمنين أنت ملك المسلمين, والحاكم عليهم وعلى بيت المال, وتأتيك الوفود وليس في بيتك سوى هذا الحصير؟ قال (ع): يا سويد, إن اللبيب لا يتأثث في دار النقلة, وأمامنا دار المقامة(الآخرة) وقد نُقِلَتْ اليها متاعُنا ونحن منقلبون اليها عن قريب, قال سويد: فأبكاني والله كلامه.

هكذا كان إمام المسلمين وقائدهم, وهكذا كانت حياته ومأكله وملبسه, وما هي إلا ذكرى للمتعظين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين