Monday, July 6, 2009

الإمام علي (ع)1

الإمام علي (ع)

لا يختلف اثنان على الصفات الرفيعة التي فاق بها الإمام علي (ع) جميع معاصريه, والتي ميزته عن غيره حتى قيل أنه نسخة عن الرسول الأكرم (ص), من هنا فقد اختاره الله سبحانه وتعالى خليفة للمسلمين وقائدا لهم بعد رسول الله (ص).

واختصارا نستعرض بعضا منها تبركاً بميلاده السعيد (عليه السلام):

أولاً: التضحية والجهاد:

فقد كان منذ صغره يدافع عن الرسول (ص) ويحفظه من أذى الأطفال وحجارتهم, فقد كان الكفار يدفعون بأولادهم لأذية نبي الله (ص), فعندما كانوا يرمونه بالحجارة يهجم علي ابن العشرة سنوات عليهم, فيفرون أمامه مذعورين.

وهكذا تبلغ التضحية عند الإمام علي (ع) القمة عندما يبيت في فراش الرسول (ص) ـ ليلة هجرة النبي من مكة الى المدينة ـ معرضاً نفسه لخطر محقق, يقول عليه السلام ((كنت على فراش رسول الله وقد طرح عليّ برده ـ كساء من صوف ـ فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها, فلم يبصروا رسول الله حيث خرج, فأقبلوا عليّ يضربونني بما لديهم, فتنفط جسدي ـ أي تقرح ـ وصار مثل البيض, ثم انطلقوا يريدون قتلي)).

وقد اشترك الإمام علي (ع) في كل حروب الرسول (ص) وهي تزيد على الثمانين حرباً.

وفي بدر الكبرى قتل المسلمون 35 من الكفار بينما قتل الإمام (ع) وحده 35 كافراً, أي أنه (ع) قتل وحده نصف قتلى الكفار.

وفي حرب أُحد أصيب (ع) بثمانين جراحة خطيرة, وفي الخندق التي وقعت عام 5 هجرية كان الإمام علي (ع) هو الوحيد الذي واجه أهم أبطال جيش الكفار وهو(عمرو بن عبد ود العامري) واستطاع الإمام قتله وهو لم يبلغ الثلاثين من عمره, وكانت ضربة قسمت ظهر الكفار, وفيها قال رسول الله (ص) ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين.

وغيرها من الحروب التي كان للأمير المؤمنين (عليه السلام) دوراً بارزاً في غلبة المسلمين على الكفار.

هكذا كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قمة في البطولة والتضحية والجهاد لذلك نزلت مجموعة كبيرة من الآيات القرآنية تتحدث حول جهاده (ع) نذكر منها:

قال تعالى: {{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}} الصف. آية4, نزلت في أمير المؤمنين وحمزة وعبيدة ومجموعة من المجاهدين.

وقال تعالى: {{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}} البقرة. آية 207, نزلت هذه الآية عند مبيت الإمام (ع) في فراش رسول الله (ص).

وقال تعالى: {{مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ}} المائدة.آية 54.

وغيرها من الآيات التي نزلت في جهاد الإمام علي (عليه السلام).

ثانياً: عبادته (عليه السلام):

فقد كان (عليه السلام) كثير الصلاة خاشعاً لله حتى أنه يغمى عليه, ففي ليلة الهرير حيث كانت الحرب بين جيش الإمام علي (عليه السلام) وجيش معاوية (لعنه الله) على أشدها, في هذه الأثناء حان موعد صلاة الصبح, فتقدم الإمام (ع), وبسط له نطع (وهو بساط من جلد) ووقف يصلي وهو غير آبه بالسهام التي تتطاير حوله, الى أن أكمل صلاته[3].

وفي احدى الليالي كان الإمام (ع) متحدثا الى أحد ضيوفه الى وقت متأخر من الليل, وقد ذهبا للنوم, يقول الرجل بعد ساعة رأيت الإمام (عليه السلام) يتجه نحو مكان الوضوء وهو يتكئ على الجدار, فقمت وقلت: الى أين يا أمير المؤمنين؟ فقال (ع): الى الصلاة, فقلت له: انك لم تسترح الا قليلاً فلماذا لا تنام أكثر؟ فقال (ع): إن نمت الليل ضيعت نفسي, وإن نمت النهار ضيعت رعيتي, قال الإمام ذلك واتجه الى محراب العبادة.

ثالثا: زهده (عليه السلام):

فقد كان (ع) يعيش حياة عادية جدا كحياة الفقراء بل أكثر تواضعاً, فكان أكله لا يتعدى خبز الشعير الجاف, وكان في بعض الأوقات يكسر الخبز بركبته لخشونته, وبعض الملح أو اللبن فقط.

يقول سويد بن غفله: دخلت على علي بن أبي طالب القصر فوجدته جالسا وبين يديه صفيحة فيها لبن خاثر, أجد ريحه من شدة حموضته, وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه وهو يكسره بيده أحياناً, فإذا غلبه, كسره بركبته وطرحه فيه.

يقول سويد فقلت لجاريته: ويحك يا فضة أما تتقين الله في هذا الشيخ! ألا تنخلون له طعاماً مما أرى فيه من النخالة؟ فقالت: لقد تقدم الينا أن لا ننخل له طعاما.

أما ملابسه فقد كانت أكثر من عادية, يقول (ع): (لقد رقعت مدرعتي حتى استحييت من راقعها).

يقول سويد بن غفله: دخلت على علي (ع) يوماً وليس في داره سوى حصير رث وهو جالس عليه, فقلت: يا أمير المؤمنين أنت ملك المسلمين, والحاكم عليهم وعلى بيت المال, وتأتيك الوفود وليس في بيتك سوى هذا الحصير؟ قال (ع): يا سويد, إن اللبيب لا يتأثث في دار النقلة, وأمامنا دار المقامة(الآخرة) وقد نُقِلَتْ اليها متاعُنا ونحن منقلبون اليها عن قريب, قال سويد: فأبكاني والله كلامه.

هكذا كان إمام المسلمين وقائدهم, وهكذا كانت حياته ومأكله وملبسه, وما هي إلا ذكرى للمتعظين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


No comments: